الأحد، 20 نوفمبر 2016

صعوبة الاستثمار السياسي للإجراءات الاقتصادية الاخيرة فى السودان!

هذه المرة على وجه الخصوص تجد القوى السودانية المعارضة صعوبة بالغة فى الاستثمار فى الاجراءات الاقتصادية الاخيرة التى اتخذتها الحكومة السودانية. مصاعب استثمار الازمة لا تقع على حصر إذ أنه وعوضاً عن تشرذمات القوى المعارضة التى
باتت سمة اساسية عامة متعارف عليها، فإن هناك جملة اسباب -تبدو كما الجبال الشاهقة- تقف حائلاً دون ان تستفيد قوى المعارضة مما تعتبره هي (زيادة غير مبررة فى الاسعار)!
أولاً، الاجراءات التى اتخذتها و فضلاً عن كونها وصلاً لإجراءات سابق اتخاذها منذ انتهاج سياسة التحرير الاقتصادي، فإنها اتسمت بقدر واضح من الواقعية. لا أحد بوسعه مغالطة الواقع وحقائقه الماثلة على الارض فالأزمة الاقتصادية العالمية معروفة للكافة، و ما قامت به الجارة الشقيقة مصر –بذات حذافير الإجراءات يعضد ذلك على على الرغم من ان الاقتصاد المصري –اذا جاز لنا عقد مقارنة– اكثر طلاقة وقوة، إذ أنه على الاقل غير مكبل بقيود العقوبات الاقتصادية.
ثانياً، مخرجات الحوار الوطني نفسها –والتى هي حصيلة نقاش جاد وحاد دام لما يجاوز العام– تبنت ذات هذه الاجراءات – ولئن غالط احد في التوقيت فإن الحجة التى سوف تواجهه ان عنصر التوقيت -على العكس تماماً- ربما يضر الحكومة الوفاقية الجديدة و يؤثر في إدائها كونها و حال تشكيلها خاضت فى وحل اجراءات لم ينتظرها منها المواطن السوداني. الاجراءات خفضت حدة ردة الفعل حيال الحكومة الجديدة ووضعت إطاراً عاماً للطريقة التى يجب اتباعها بالنسبة لمرحلة المقبلة. ثالثاً، المواطنين السودانيين جراء تحليهم بالواقعية و إدراكهم العميق للجهد الي تبذله الحكومة كونها تبني بلد وتقاتل بيد وتحاور بعقل، و تحاول حلحلة المشاكل بقلب مفتوح، وتقبلوا العملية قبول معقول، اذا أن الاحتجاج المفضي الى تخريب او تعطيل لصالح قوى معارضة لا تصلح كبديل بدا أمراً غير مجدي البتة.
رابعاً، الاقوى المعارضة نفسها التى رأى الجميع خلافاتها وتشاكساتها حتى  في بعض الامور القصيرة فى عملها المعارض لا تمتلك بدائلاً واقعية حقيقية وهي لن تأتي بجديد وقد سبق للمواطن السوداني فى عهود سابقة ان جربها أكثر من مرة، إذ انها تقضي كل سحابة وقتها فى خلافات و فضّ إئتلاف حكومي وبناء آخر، ولهذا فحتى لو احتج المواطن السوداني فإنه لن يجد من يقوده الى بر الامان. القوى المعارضة فقط تستفيد من الاحتجاج وتحاول استثماره، ولكنها اذا ما وُضعت فى موضع الفعل فإنها خاوية الوفاض من أي فكرة أو إرادة سياسية لتطبيق فكرة. وأخيراً فإن مناخ الحوار الوطني نفسه الذي أتاح للكافة الادلاء بآرائهم و مناقشة قضايا البلاد و انتظار انفاذ مخرجات الحوار هي تتصل بأمور استراتيجية اخرى من بينها وقف الحرب وإعادة اعمار المناطق المتأثرة بالحرب يجعل من الاحتجاج او التظاهر إهدار لهذه المخرجات وإضراراً متعمداً بها. لكل ذلك فإن قوى المعارضة السودانية -لسوء الحظ- لم تجد الفرصة مناسبة لكي تستثمر في الاجراءات. لقد قطع المواطن السوداني البسيط بوعيه وإدراكه العميق الطريق عليها، وجعلها تكتفي بالحسرة ولعن الظلام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق