الأحد، 8 يناير 2017

المعادي.. البديل الإستراتيجي الذهبي في السودان!!

لم تقعد بالسودان ظروفه الاقتصادية الصعبة المتمثلة في خروج نفط دولة الجنوب، استمرار الحروب على الأطراف بكل
ما تعنيه من تكلفة مالية باهظة وعرقلة مشروعات التنمية والخدمات. العقوبات الاقتصادية اللاهبة للظهر. ظل السودان على الرغم من كل هذه العقبات يبحث عن موارد بديلة عالية القيمة، جيدة العائد. مورد المعادن، شكل واحداً من هذه البدائل الممتازة ففي خلال العام الماضي – وحده – وصل انتاج السودان من الذهب ما قيمته (1.176.000.000) (واحد مليار ومائة وست وسبعون مليون دولار )كما قال بذلك – بوثائق وأرقام رسمية – وزير المعادن السودان محمد صادق الكاروري. الوزير الذي كان يتحدث في منبر إعلامي إسبوعي قال ان الكمية المنتجة والتي أوردت هذه القيمة بلغت (93.8) طن من الذهب.
وسوف ترتفع هذه الكمية بحسب الوزير خلال هذا العام إلى (100) طن الأمر الذي يصعد بالسودان لكي يكون في المرتبة الثانية من حيث انتاج الذهب بعد دولة جنوب أفريقيا التي تتربع على المرتبة الأولى، كما يصبح السودان ضمن الدول الأفريقية (العشر) المنتجة للذهب على مستوى العالم وهي قفزة دون أدنى شك تعطي هذا البلد دفعة اقتصادية قوية. وبقراءة تحليلة لهذا التطور الكبير في انتاج الذهب في السودان فإننا يمكن أن نلحظ عدة أمور ذات طبيعة استراتيجية هامة أولاً: من شأن استمرار السودان في انتاج المزيد من الذهب أن يفضي لمعالجة جزء كبير من مشاكله الاقتصادية مثل : أ/ خفض التضخم . ب/انخفاض معدل البطالة إلى أقل من 18% بفعل انتعاش سوق التعدين الرسمي والتقليدي معاً.
ثانياً : معالجة العجز الكبير في موازنة الدولة في ظل خروج مورد البترول منها عقب انفصال الجنوب، ويؤكد على هذه الحقيقة الدكتور بابكر علي التوم أحد الخبراء الاقتصاديين المعروفين في السودان حيث يشير إلى أن التعدين التقليدي ساهم بقدر كبير في معالجة اختلال الموازنة العامة لأن التعدين التقليدي أغرى شركات عالمية ووطنية عديدة لدخول سوق التعدين.
وهذا أدى بدوره لدخول ما يصل إلى (50%) من عائد التعدين إلى الخزينة العامة وأدى إلى تحسين مستوى الأداء الاقتصادي وتقليل عجز الموازنة.
ولا شك أن التعدين بهذه المثابة يمضي لكي يصبح بديلاً استراتيجياً قادراً على تعويض مورد النفط خاصة وأن التقارير الرسمية تشير إلى أن إحتياطي السودان من معدن الذهب وحده يتجاوز الـ(1037) طن لم يتم استخراجها بعد.
ثالثاً : اتساع نطاق النشاط التعديني (التعدين الأهلي)، أسهم إسهاماً فاعلاً في اتساع دائرة العمالة ومن ثم تقليل البطالة. اذ يقدر الخبراء في السودان أن أكثر من (2مليون) شخص يعملون في مجال التعدين التقليدي مما يعني امكانية القضاء على البطالة أو وصولها إلى أدنى مستوياتها كلما اتسع نطاق التعدين. 
ومن المهم هنا أن نشير إلى أن التعدين الجاري الآن في السودان ما يزال في مرحلة التعدين السطحين بمعنى أنه لم يصل بعد إلى مرحلة المناجم العميقة الهائلة التي تنتج كميات مهولة قد تفوق عائدات النفط – وعلى ذلك يمكن القول أن السودان الغني بموارده الطبيعية يعمل على الاستفادة القصوى من هذه الموارد دون كلل أو ملل ومن الممكن أن يصبح قطاع التعدين موازياً لقطاع النفط ومن ثم بالامكان اذا تم وضع خطط اقتصادية استراتيجية في مجال الزراعة والاستثمار الزراعي والحيواني أن تصبح عائدات التعدين عاملاً مساعداً في ترسيخ النشاط الزراعي وتقويته بحيث ينهض السودان نهضة اقتصادية كبيرة. 
إن وزارة المعادن السودانية تبذل جهداً مقدراً لجعل النشاط التعديني نشاطاً استراتيجياً مؤثراً ويلاحظ أن التقارير الدورية لوزارة المعادن للأعوام الفائتة كانت قد تنبأت بالفعل بالأرقام التي أعلن عنها مؤخراً بواسطة وزيرها في المنبر الاعلامي الدوري سواء في الكميات المنتجة أو امكانية خفض التضخم لأقل من (13%)، أو خفض البطالة الأمر الذي يؤكد أن قطاع التعدين بات يشكل مورداً استراتيجياً هاماً للسودان ويمضي بخطى واثقة وقوية وثابتة!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق