الخميس، 19 يناير 2017

المقصد الاستراتيجي لفترة الستة أشهر!

تعتقد بعض القوى السودانية المعارضة خطأ إن فترة الستة أشهر المقرونة بقرار رفع العقوبات بمثابة (فترة اختبار صعبة) للحكومة السودانية لكي تجتازها وتصل إلى نهاية مضمار السباق. ولهذا فإن هذه القوى بعد ما أصابتها الخيبة جراء القرار المباغت برفع العقوبات باتت تراهن على إخفاق الحكومة السودانية بشكل من الأشكال في اجتياز فترة الاختبار هذه، بحيث يتاح لهذه القوى المعارضة أن تعود للشماتة - من جديد - في الحكومة السودانية اذا ما أقدمت الإدارة الجديدة –إدارة ترامب- على استعادة قرارا رفع عقوبات!
 في واقع الأمر هذا الاعتقاد خاطئ ليس فقط من ناحية إجرائية ولكن حتى من الناحية الموضوعية إذ ليس من المنطق في شيء –في عالم اليوم – أن يسمح  بتحويلات مصرفة واستثمارات بملايين ومليارات الدولارات وعقود وعمليات استيراد وتصدير بسقف زمني قدره 6 أشهر فقط! لو أن الشركات الامريكية والمصارف وبيوت المال فهمت القرار على أساس فكرة فترة الاختبار هذه لما فكرت –مجرد التفكير– في فتح أبوابها للسوق  السوداني. ما من صاحب رأس مال يستثمر أمواله وفق قيد زمني قدره 6 أشهر.
الاستثمارات ولو كانت بقيمة مائة دولار تضع في حساباتها عشرات الأعوام، وتنظر إلى المستقبل البعيد هذا من جانب؛ ومن جانب آخر فإن الإدارة الامريكية التى ظلت تفرض هذه العقوبات لحوالي 20 عاماً من المستحيل ان تكون قد اختزلت كل مراحل مراجعاتها وتقاريرها واستدراكاتها في فترة الشهور الستة القادمات.
من المؤكد أنها وصلت إلى قناعة لا يتطرق إليها الشك بضرورة رفع هذه العقوبات بما يتوافق مع مصالحها. الكل يعلم تحوطات الأمريكيين ومبالغتهم في إجراءات السلامة. ومن غير المعقول أن يخضعوا مدة 20 عاماً لاختبارات سلامة مدتها ستة أشهر. إن الأمر هنا لا تصل باختبار الحكومة ومقايسة أداءها و سلوكها وإنما العكس تماماً المقصد هو بناء الثقة وإعطاء دفعة معنوية متبادلة بين الطرفين، ولهذا فإن مراهنة قوى المعارضة على فترة الست أشهر هو في الحقيقة عكس ما تتصور. فهي المعنية حقيقة بهذه الفترة كونها مطالبة بمشاركة فاعلة في بناء الدولة والتخلي عن الأنشطة السالبة فالإدارة الامريكية تأمل في سودان مستقر لكي يعاونها في جنوب مستقر وإقليم مستقر.
 لقد سئمت واشنطن كثرة النزاعات والحروب والمجاعات و أعداد اللاجئين و النازحين وطائرات الإغاثة! واشنطن الآن تمنح القوى السودانية المعارضة فرصتها الأخيرة لكي تتدبر أمرها وتلج إلى مجال البناء الوطني وترك النشاط السالب. إذا فهمت القوى المعارضة الأمر فقد نجحت وإن لم تفعل فسوف يطول انتظارها كما طال من قبل لأكثر من 27 عاماً!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق