السبت، 27 ديسمبر 2014

شهادة إقتصادية دولية تعزز مصداقية الحكومة السودانية!

أصدر صندوق النقد الدولي فى الثالث من ديسمبر الجاري بياناً أصدر من خلاله تقييماً إقتصادياً لأداء اقتصاد السودان. بيان الصندوق أشار إلى أن الأداء الاقتصادي للسودان للعام 2014 يعد مرضي للغاية وأن الحكومة السودانية –وعلى الرغم من التحديات التي تواجه البلاد– أوفت بكل المتطلبات التي تم الاتفاق حولها في يونيو الماضي حيث اعتمدت الحكومة إصلاحات هيكلية تمثلت فى تعديل قانون مكافحة غسيل الأموال وقانون ومكافحة تمويل الإرهاب، كما قامت الحكومة بقفل جميع الحسابات الحكومية فى البنوك التجارية واستمرت فى تقليل القروض بالشروط غير الميسرة واحتفظت بسجل مرضي من المدفوعات إلى الصندوق.
وتوقع الصندوق -ضمن بيان التقييم- أن يحدث نمو في القطاع النفطي بنسبة 2.9% بإسهام القطاع الزراعي والذهب فى ذلك. كما أن من المتوقع انخفاض معدل التضخم من 47 إلى 29% وتوقع البيان أيضاً انخفاض الأسعار نتيجة لموسم الحصاد الجيد. ومضى البيان يشير أيضاً إلى توقعات بانخفاض العجز في الناتج المحلي ليصل إلى 1% ونمو فى الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 3.4% .
ويقول البيان إن الصندوق لمس السياسات الإصلاحية التي يركز عليها البرنامج الحكومي فى هذا الصدد والهادفة إلى الحد من التضخم وزيادة الاحتياطيات وتحقيق معدل أفضل. ولا شك أن هذا التقرير الفني النادر من قبل صندوق النقد الدولي فى قراءته لملف السودان الاقتصادي يمكن اعتباره تقريراً موضوعياً مطابقاً للواقع الاقتصادي الحقيقي الذي يعيشه السودان إذ أن ابرز وأهم ما أشار إليه الصندوق: أولاً، تركيز الحكومة السودانية على حزمة من الإصلاحات الهيكلية واتباع سياسات إصلاحية جادة وهذه في الواقع تعتبر نقطة مركزية ومحورية؛ فعلى مدى سنوات ظلت الحكومة تتبع إصلاحات رئيسية شاملة فى الأداء الاقتصادي للدولة ولكن الكثير من معارضيها ظلوا وما يزالوا يزايدون عليها في هذا الصدد ويتحدثون عن ما يقولون إنه إنهياراً إقتصادياً!
وبالطبع لا يمكن أن نتصور قيام صندوق النقد -وهو جهة فنية استشارية دولية- بمجاملة وممالأة الحكومة السودانية فى هذا الشأن بحال من الأحوال إذ العكس صحيح، فإن مثل هذه المؤسسات الدولية فى ظل الواقع الدولي الذي يتعايش معه السودان -لما يجاوز الربع قرن- تنأى بنفسها فى الغالب عن إظهار لأيّ مؤشرات ايجابية تخدم مصداقية الحكومة السودانية لو لم يفرض الواقع الاقتصادي الصحيح الذي تتبعه الخرطوم نفسه على بعثة الصندوق.
ثانياً، التقرير أشار إلى تحسن الأداء الاقتصادي ولا شك أن التحسن يقتضي عناصراً عملية وواقعية وليس مجرد (تقارير ورقية). لا بد من مؤشرات على الأرض وهو ما أكد عليه التقرير وهذا معناه -أن السودان وعلى الأقل فى العامين الماضيين والعام المقبل- وضع القاطرة الاقتصادية على القضبان واتخذ الطريق الصحيح المفضي إلى النجاح.
ثالثاً، أشار التقرير إلى مفارقة مهمة وهي أن الأداء الجيد للاقتصاد السوداني تم على الرغم من التحديات التي يواجهها السودان، وهذه فى الواقع إشارة مهمة إلى أن الاضطرابات الداخلية والمنازعات المسلحة التي تغذيها اطرافاً إقليمية ودولية رغم شدة وطأتها لم تفت فى عضد الحكومة السودانية وحرصها على تحسين أداء اقتصادها، وهذا بدوره يعني بالضرورة أن الاقتصاد السوداني إذا ما ألغيت العقوبات الاقتصادية الأمريكية أحادية الجانب عليه وتم حل النزاعات المسلحة سيصبح اقتصاداً قوياً شديد العنفوان.
وعلى أية حال فإن تزامن صدور البيان مع مناقشات الموازنة العامة للدولة فى البرلمان السوداني حالياً يعطي صورة حقيقية للاقتصاد السوداني ويعين النواب على قراءة مشروع الموازنة العامة للعام 2015 قراءة صحيحة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق