الأحد، 1 مارس 2015

البشير في القضارف.. المطمورة والبرنامج الزراعي

قبل نحو عقد ونصف عندما  كان السودان يشرع في تصدير البترول، شرع البعض في تحسس موضع (العقال) من رؤوسهم أسوة بالإخوة  الخليجيين الذين ارتفع متوسط  دخل الفرد عندهم إلي مصاف بعيدة نسبة لضخامة إنتاجهم واحتياطات دولهم النفطية، بيد أن آخرين بادروا إلي نفي  الحدث واعتبروه مجرد مشهد إعلامي تمثيلي مصطنع تريد الإنقاذ أن تجمل به وجهها، وبين مصدق ومكذب جاءت مفاوضات الحكومة مع الحركة الشعبية وظهرت فيها مجادلات اقتسام الثروة والسلطة وعائدات البترول ليتبين الناس أن الأمر حقيقي وجوهري، وقد قضت الاتفاقية وبروتوكولاتها والسلطة الإقليمية في الجنوب والإنفاق علي الحرب في دارفور علي جل إيرادات البترول وقتها دون أن ينتبه الناس لذلك، وراحت الحكومة تبيني في المشاريع التحتية من طرق وكباري وسدود ونسيت ونسي معها الرأي العام في شهر عسل النفط ذاك أن الاعتماد علي اقتصاد أحادي الموارد أمر خطير وإن الذي يخرج السودان من دائرة الفقر والبطالة هو فقط النهوض بالقطاع الزراعي فخصص له برنامج  النهضة الزراعية لكن الكثير لم يتحقق في ظل أولايات.
كان النفط وتطوير إنتاجه أولها بحكم يسر العملية وسهولة العائد، وقد تبينت دول أخري من حولنا مثل المملكة العربية السعودية التي تنتج عشرات أضعاف ما كنا تنتج خطورة هذا المسلك فلجأت إلي فتح أسواقها للاستثمارات الوطنية والأجنبية.
ثم جاء انفصال الجنوب ليجبر الجميع علي إعادة ترتيب الأولويات وهيكلة الاقتصاد بما يكفل للزراعة بشقيها النباتي والحيواني أن تتصدر النشاط الاقتصادي وأن تزيد في إنتاجها وإنتاجيتها، فجات مبادرة رئيس الجمهورية المشير البشير التي قدمها للقمة العربية لتحقيق الأمن الغذائي وذلك باستثمار رأس المالي العربي الخليجي في الأراضي الزراعية السودانية والمراعي الطبيعية، وعقب بعض الفتور الذي مرت به العلاقات السودانية الخليجية ثم الانفراج الذي أعقبها وزيارات الرئيس الخليجية يبدو الجو مهيأ لإنجاز برنامج الأمن الغذائي العربي عب مبادرته.
حاشية:
لو سألني أحدهم ما هو البرنامج الاقتصادي الرئيسي للمرشح عمر حسن أحمد البشير في حملته الانتخابية الحالية لاستطعت الإجابة  علي السؤال بكل ثقة أنه يركز علي إحداث ثورة زراعية، والشواهد علي ذلك كثيرة أولها أنه استطاع تسوية ملف علاقات السودان الخارجية خاصة العربية سواء مع الخليج أو التعامل مع مصر، وكل ذلك في إطار التهيئة للشراكات العربية في الإنتاج الزراعي، ثم بدأ حملته الانتخابية من أكبر ولايتين زراعيتين في السودان: ولاية الجزيرة ثم ولاية القضارف التي زارها بالأمس وخاطب جماهيرها واصفاً إياها بمطمورة السودان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق