الأحد، 15 نوفمبر 2015

العقوبات الأمريكية.. مأزق أمريكي بأكثر من كونه عقاب للسودان!

يظل السودان ثابتاً على مواقفه ورؤاه السياسية كبلد مستقل ذو إرادة شأنه شأن الدول العديدة التي تتخذ مواقفها السياسية بناء على مصالحها ورؤاها الخاصة. وبالمقابل تظل الولايات المتحدة تلحق الظلم تلو الظلم تجاه السودان وتقوم على نحو (روتيني) مؤسف بتجديد العقوبات الاقتصادية الأحادية الجانب التي تفرضها على هذا البلد منذ العام 1997، دون أن تلقي بالاً وغير آبهة بالجهود الحثيثة التي بذلها السودان لحل مشاكله وتسوية أوضاعه.
الولايات المتحدة وهي تعيد تجديد العقوبات الاقتصادية على السودان في شهر نوفمبر من كل عام، تفعل ذلك دون أن تنتبه إلى أنها:
أولاً، لا تتعامل  بحيثيات غير موضوعية واضحة حين تقرر تجديد هذه العقوبات. لا تتابع عن كثب، ما إذا كان السودان قد استوفى بعض أو كل مطلوبات إلغاء هذه العقوبات، وهو أمر بلا شك يعتبر في العلاقات الدولية بمثابة تمادي في الخطأ، والظلم ولا يساعد على إصلاح علاقات البلدين، في الوقت الذي من المستحيل فيه أن تدعي واشنطن أنها ليست في حاجة إلى السودان!
ثانياً، لا ترعي لا من قريب ولا من بعيد أن استمرار فرض هذه العقوبات هو في نهاية المطاف بمثابة عرقلة وإعاقة واضحة للسودان لكي يحلحل مشاكله وقضاياه، إذ أن الأمر الغريب في هذه النقطة أن واشنطن تشترط باستمرار لرفع هذه العقوبات القيام بمعالجة أزماته في مناطق دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، في الوقت الذي فيه تنشط الحركات المسلحة في عملها المسلح السالب بما يلحق أضراراً بالاقتصاد والخدمات وبما يؤخر عمليات التسوية والمعالجة في ظل فرض هذه العقوبات. بمعنى أدق فإن واشنطن تضعف السودان اقتصادياً لتزيد من معاناته، وتطلب منه التغلب على هذه العقوبات وحل مشاكله ثم تقرر بعد ذلك -في الوقت الذي يناسبها- رفع العقوبات!
ثالثاً، مجرد فرض العقوبات الاقتصادية على السودان حتى ولو كان أمراً شكلياً له تأثيره السالب على نظرة القوى السودانية المسلحة حيال الحكومة، إذ تعتقد هذه القوى المسلحة -وربما كانت محقة- أن واشنطن بقرارات العقوبات هذه تساعدها، وتدعم موقفها باعتبار أن هذه العقوبات تضعف الحكومة!
رابعاً، هنالك جانب أخلاقي مؤسف يتعلق بهذه العقوبات وإن كنا نظن أن واشنطن -بطبيعة سلوكها الدولي المتغطرس- لا تأبه للأبعاد الأخلاقية في الأمور وهو أن هذه العقوبات يقع ضررها المباشر والمؤلم على الشعب السوداني وليس على الحكومة السودانية! وهذا بدوره يعني أن واشنطن لن تكترث بمن يقضي نحبه جراء نقص دواء أو مصل، أو أن تنتشر الأمراض والأوبئة بين السودانيين جراء هذه العقوبات.
والغريب أيضاً في هذه النقطة أن واشنطن التي تمارس هذا العسف غير الأخلاقي حيال شعب السودان، تلاحق الحكومة السودانية باستمرار في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف بشأن ما تدعي أنها انتهاكات تمارسها الحكومة السودانية ضد شعبها!
وعلى كل فإن قضية العقوبات الاقتصادية إجمالاً يمكن اعتبارها (مأزقاً) خاصاً بالولايات المتحدة بأكثر مما هو مأزق للحكومة السودانية وذلك لأن السودان يؤدي أداء سياسي واقتصادي مشهود ومعروف حتى وإن المجموعة الخاصة بمراقبة قضايا غسيل الأموال وتمويل الإرهاب التي تتخذ من العامة الفرنسية باريس مقراً لها قررت مؤخراً أن السودان استوفى المعايير في هذا الجانب بما يجعله بمنأى عن دعم الإرهاب أو المشاركة في تمويله، وهذه نقطة ايجابية ضخمة للغاية تؤكد أن السودان بلد متفاعل لأقصى حد، مع قضايا العالم وأنه يعالج أموره وقضاياه بدأب ومثابرة في حين إن الولايات المتحدة تتخذ حياله مواقفاً سالبة ممعنة في الظلم لا تستند الواقع أو أدلة.
المأزق مأزق واشنطن وسوف يجيء اليوم الذي تقرر فيه -وعلى استحياء وبحرج بالغ- رفع عقوباتها الجائرة عن السودان!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق