الأربعاء، 25 نوفمبر 2015

عودة لقضية مناهضة السدود

والواقع أن معظم أو جميع الرسائل الغاضبة على ما كتبته كانت منطلقاتها قبلية من الذين يتحدثون باسم أهلنا النوبيين، وليست منطلقات المصلحة العامة والحسابات القومية في معادلة السدود .
ماذا قلنا حتى تغضبوا لهذا الحد؟، ناقشنا فقط فكرة مناهضة بناء السدود مبدءاً حيث أنه وبحكم وجود ثلاث حملات ناشطة الآن بخصوص السدود الثلاثة التي حركت أنباء الاتفاقيات السودانية السعودية ملفها (كجبار، والشريك، ودال) يتجلى يقيناً أن هناك حرباً شاملة ضد السدود تقودها مجموعات من المنتسبين لتلك المناطق التي قد تتضرر نسبياً من بناء تلك السدود وتستفيد كلياً بعد إنشائها في نهاية الأمر.
التحليل الأهم لهذه التعليقات أنها تؤكد عدم وجود تعاطف قومي ومؤازرة شعبية من بقية السودانيين مع حملات المناهضة إلا في نطاق المناطق والقرى المتأثرة ببنائها، وماذا قلنا نحن حتى يفتح هؤلاء نيرانهم علينا؟ تحدثنا عن التمسك بحقوقهم وتعويضاتهم العادلة عما يفقدونه من مساحات ضئيلة، بدلاً عن محاربة التنمية.
وقلنا إنه لا تغيير يمكن أن يتم بالإبقاء على الأوضاع القديمة كما هي.. وهذه قاعدة بدهية، إن أي تطوير يعني التغيير والتغيير يشرح معناه بنفسه.. وفي حالة مناهضة السدود فإن ذلك يعني بالتأكيد مناهضة التطوير بشكل عام.. تطوير تلك المناطق وتطوير البلد بأكملها.
لم تحركني لكتابة هذا المقال والطرق على هذا الموضوع مرة أخرى تلك التعليقات الفاقدة للياقة فنحن تعودنا وصارت جلودنا (تخينة) كما يقولون خاصة وأنها تعليقات تشهد لفكرة المقال بصحة التوجه القومي ومفهومه الأوسع من التيبسات القبلية والمناطقية والجهوية. لأن بلادنا أكثر ما تحتاج له اليوم هو ذلك التوجه القومي الذي يقدم المصلحة العامة على ما دونها من مصالح أضيق وأصغر.
من يناهضون قيام السدود منعاً للتهجير من مناطقهم وقراهم لو افترضنا أنهم نجحوا في إيقاف ووأد تلك المشروعات ومحاربتها وتعطيلها من جديد فإن نجاحهم في هذا لا يعني أو يضمن لهم البقاء في تلك القرى الطاردة.. سيهجرونها ويهاجرون عنها يوماً بلا تعويض.. سيهاجرون تحت ضغط الواقع الطارد وليس تحت إمرة القانون أو القرار الحكومي.. سيهجرونها حتماً، بل وبالفعل ظلت مناطق الشمال النيلي أكثر المناطق التي شهدت نزوحاً نحو الوسط ..
وكلنا أبناء نازحين من الشمال.. لا يفكر الكثير منهم حتى في زيارة تلك المناطق.. بعضهم انفصلوا عنها واختاروا حياتهم حيث قسم الله لهم الرزق ويسر عليهم سبيل الحياة في الخرطوم أو غيرها .
ببساطة نقول إن الهجرة قادمة أو ستظل مستمرة في تلك المناطق بلا سدود ولا تهجير لو كان الخيار هو مناهضة السدود ومحاربة التنمية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق