الأحد، 24 يناير 2016

النفط الجنوبي ورسوم العبور.. الكيل بمكيال جوبا وحده!

طلبت حكومة جنوب السودان وبإلحاح شديد إعادة النظر فى قيمة ترحيل النفط الجنوبي -عبر الأنابيب السودانية الحكومة السودانية من جانبها ممثلة فى وزير المالية بدر الدين محمود ردّت على الطلب الجنوبي بالرفض القاطع. الوزير السوداني محمود قال للصحفيين إن سعر نقل النفط الجنوبي مقسم على جزءين؛ جزء يتعلق برسوم العبور وقدره (9.5) دولار و(15) دولار جرى الاتفاق عليها على أن تكون فى إطار ترتيبات إنتقالية والإجمالي (24.5) دولار للبرميل الواحد. وأضاف الوزير أن الدولة الجنوبية تنتج (60ألف) برميل يومياً, وأن هذه الرسوم المقررة إنما تم إقرارها كما هو معروف بموجب إتفاقية موقعه بين البلدين منذ أكثر من (5) أعوام ولم تعرض للتفاوض أو التعديل.
الجانب الجنوبي فيما يبدو يشعر بمخاوف اقتصادية مردها الأساسي انخفاض الأسعار عالمياً- بدأ يتناقص بما قد يؤثر على موازنة دولة الجنوب. ولا شك أن قضية تخفيض رسوم عبور النفط وبغض النظر عن إمكانية حدوث ذلك من عدمه, هي قضية لا يمكن النظر إليها هكذا مجردة, وبعيدة عن مجمل القضايا العالقة بين الدولتين, إذ المعروف أن هنالك سلسلة مطولة من القضايا ذات الأبعاد الإستراتيجية البالغة الحساسية والأهمية ظلت الحكومة الجنوبية -لأكثر من 5 سنوات- تتجاهلها تجاهلاً مريعاً فقضايا ترسم الحدود, وهى من أهم وأعقد القضايا لم تولى جوبا أدنى اهتمام حيالها مما بات يتسّبب فى زعزعة إستقرار السودان بصفه دائمة. أيضا دعم الحركات المسلحة من دولة الجنوب لضرب السودان هي الأخرى لا تجد حظها من الاهتمام الجنوبي قط. بل إن جوبا (تغالط) فى هذا الصدد وتّدعي البراءة التامة!
قضايا التبادل التجاري بين الدولتين وتجارة الحدود نظراً للعلاقة الإستراتيجية بين دولتين كونهما كانا وإلى عهد قريب دولة واحدة لا تكثرت لها جوبا. بل يمكن إجمالاً القول إن اتفاقية التعاون المشترك الموقعة فى سبتمبر 2015بين رئيسيّ البلدين كأهم اتفاقية دولية تجاهلتها جوبا بالكامل!
إذن ما الذي يدفع السودان فى ظل التجاهل الجنوبي الممعن فى العناد لكي يقبل تعديلاً فى رسوم عبور النفط. فقط لكي يستمتع الجانب الجنوبي بعائدات نفط أكبر للأسف الشديد تزيد من تغذية تحركات الحركات المسلحة المناوئة السودان وتزيد من اشتعال أوار الحرب الأهلية الدائرة فى الجنوب!
لقد سبق للإخوة فى حكومة الجنوب فى أولى أيام الانفصال أن تعنتوا كل التعنت فى الاتفاق على سعر نقل نفطهم عبر الأنابيب السودانية -ولسنا بصدد إعادة فتح الجرح- ولكن كان أمراً معروفاً حينها أن حكومة الجنوب قصدت إلحاق الأضرار بالسودان, بعد ما فقدت النفط كمورد رئيس من موارده الأساسية وإمعاناً منها -يومها- فى الإضرار بالسودان نكاية فى حكومته, ورفضت عرض السودان الذي قدمه وفرضت فى خاتمة المطاف رؤيتها هي.
المفارقة الآن أن حكومة الجنوب تريد نقض ما تم على يديها! المفارقة الثانية أنها (تشتكى) عوزها الإقتصادي بينما قامت خططها أصلاً على إلحاق الضرر بالاقتصاد السوداني. المفارقة الثالثة والأكثر إثارة للريبة أنها -ودوناً عن كل الملفات المهمة الأخرى التي تجاهلتها عمداً- تبدى الآن اهتماماً برسوم عبور النفط! ليس هنالك فى علم العلاقات الدولية إستهزاء بقواعد العلاقات بين الدول أكثر من هذا!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق