الأربعاء، 25 يناير 2017

الوجه الآخر لرفع العقوبات الامريكية!

بالطبع لا يقف أثر رفع العقوبات الامريكية على السودان فقط عند الحدود الاقتصادية. في عالمنا المعاصر الاقتصاد هو الوجه الآخر للسياسة وهما الإثنان وجهان للعملة الأساسية الوحدة فى مجال العلاقات الدولية. ولهذا فإن رفع العقوبات الاقتصادية فى
وجهه الآخر هو بالضرورة تحسن وتطور العلاقات السودانية الامريكية من جهة، وتطور وتحسن العلاقات السودانية الأوربية من جهة ثانية، وإضطراد ذلكم التحسن واتساعه ليشمل المجتمع الإقليمي والدولي.
ولن يجادل مراقب منصف وحصيف إن واشنطن لو لم تقتنع لقوة النواة السياسية السودانية ومتانتها و قدرة السودان بمعطياته الراهنة على لعب دور فاعل ومجدي فى الساحة الدولية -من واقع حقائق الواقع الملموسة- لما أفسحت له مكاناً مرموقاً في النادي الاقتصادي و السياسي الدولي .
الأمر هنا لا يتصل بمبادئ أيدلوجية كما قد يظن البعض، ولا بتنازلات عفا الزمن تماماً على فرضية تلك التنازلات، الأمر يتعلق بإجادة السودان لعب دوره الإقليمي والدولي . أولاً، واجه محكمة الجنايات الدولية مواجهة وفي معيته دول القارة الإفريقية يلاحقون لاهاي بدلاً من ان تلاحقهم لاهاي! واشنطن فى عمق ذهنها السياسي أدركت مهارة السودان فى تفتيت صخرة مثل هذه المؤسسات مهما كانت صلبة طالما أنها بنيت على أساس سياسي.
ثانياً، واجه عقوبات صعبة الاحتمال دامت لعشرين عاماً استطاع خلالها ان يحافظ على ميزانه الاقتصادي ويواجه حروب الأطراف ويحقق هزائم ماحقة بحملة السلاح و يعيد الاستقرار الى أقاليمه المضطربة. هذا يعني  باختصار ان السودان دولة قوية وجادة ومسئولة اذ ليس من السهل  إدارة كل هذا المزيج المتنافر من المشاكل والأزمات لو لم تكن منصة هذا البلد فولاذية قوية لا تتضعضع.
بلد بهذه المواصفات مفيد للمجتمع الدولي كونه ذا عزيمة وإرادة، لا يأخذ حقوق الآخرين ولكنه لا يتغاضى قط عن حقوقه.
ثالثاً، المجتمع الدولي لم يجد ما يناهض به إرادة السودان حيال مشروع الحوار الوطني. الحوار كان حراً وجاداً وموثقاً. مخرجاته دخلت حيز التنفيذ. إذن ما هو أقصى ما هو مطلوب من أي حكومة تواجه تمرداً ومعارضة أكثر من أن تبادر بالدعوة لحوار وتفاوض وتأخذ خلاصة الحوار كبرنامج وطني وتشرع في تنفيذه؟ أي سياسي أحمق ذلك الذي يرفض عملاً سياسياً طوعياً وايجابياً بهذا القدر؟ من المؤكد ان هذه حكومة مسئولة.
رابعاً، المجالات المستجدة المقلقلة للمجتمع الدولية. الهجرة غير الشرعية، تجارة البشر، تجارة المخدرات والسلاح. تسييل الأموال، التحركات الإرهابية . كل هذه يؤدي فيها السودان درواً فاعلاً نابعاً من واجباته الوطنية والتزاماته الدولية نتائجها -وفق تقارير- معروفة وثابتة، لم إذن لا يتم الوثوق به طالما أنه يؤدي واجباته الوطنية والدولية؟
مجمل الأمر إن السودان أعاد تقيم صورته الحقيقة للمجتمع الدولي وان الأخير كان ينظر الى الصورة و في ذهنه صورة مغايرة. السودان الآن انتزع الصورة المغايرة ووضع تلك الحقيقية وهذا هو السر في عودته لمكانه الإقليمي والدولي الطبيعي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق